سورة الشورى - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


أي تكاد السموات تتشقق مِنْ عظمة مَنْ فوقهن وهو الله تعالى، والفوقيه هنا فوقية رتبة؛ وذلك من شدة هيبتهن من الله.
ويقال مِنْ ثِقَلِ الملائكةِ الذين هم فوق السموات لكثرتهم. وفي الخبر: «أطت السماء أطاً وحق لها أن تئط؛ ما مِنْ موضع قَدَمٍ في السموات إلا وعليه قائم أو راكع أو ساجد».
ويقال إنه على عادة العرب إذا أخبروا عن شيء قالوا كادت السموات تنشقُّ له.. وهنا لُقْبح قول المشركين ولجرأتهم على الله تعالى، ولعِظَم قولهم كادت السموات تنشقُّ.... قال تعالى: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إدّاً تَكَادُ السَّمَاواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} [مريم: 89- 91] وعلى هذا التأويل: {يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَ} أي إلى أسفلهن، أي تتفطر جملتُها.
ومع أنَّ أولادَ آدم بهذه الصفة إلا أن الملائكة يسبحون بحمد ربهم لا يفترون، ويستغفرون لمن في الأرض.. ثم قال: {أَلاَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ}: أي يغفر لهم مع كثرة عصيانهم. وفي الوقت الذي يرتكب فيه الكفارُ هذا الجُرْمَ العظيمَ بسبب شِرْكهم فإنه- سبحانه- لا يقطع رِزْقَه ونَفْعه عنهم- وإنْ كان يريد أَنْ يعذِّبَهم في الآخرة.


المشركون اتخذوا الشياطين أولياءَ مِنْ دونه، وذلك بموافقتهم لها فيما توسوس به إليهم. وليس يخفى على الله أمرُهم، وسيعذبهم بما يستوجبونه. ولستَ- يا محمد- بمُسَلَّطٍ عليهم.
وفي الإشارة: كلُّ مَنْ يعمل بمتابعة هواه ويترك لله حدَّاً أو ينقض له عهداً فهو يتخذ الشياطينَ أولياءَ، والله يعلمه، ولا يخفى عليه أمره، وعلى الله حسابه.. ثم إنْ شاء عذَّبه، وإن شاء غَفَرَ له.


أنزلنا عليكَ قرآناً يُتْلَى بلغة بالعرب لتخوِّفَ به أهلَ مكة والذين حولَها. وجميعُ العالَم مُحْدِقٌ بالكعبة ومكة لأنها سُرَّةُ الأرضِ.
{وَتُنِذرَ يَوْمَ الْجَمْعِ} تنذرهم بيوم القيامة. والإنذارُ الإعلامُ بموضع المخافة. ويوم الجمع- وهو اليوم الذي يُجْمَعُ فيه الخَلْقُ كلُّهم، ويُجْمَعُ بين المرءِ وعمله، وبين الجسد وروحه وبين المرء وشكله في الخير والشرِّ- لا شكَّ في كَوْنه. وفي ذلك اليوم فريقٌ يُبْعَثُ إلى الجنة وفريقٌ يحصل في السعير. وكما أنهم اليومَ فريقان؛ فريق في راحة الطاعات وحلاوة العبادات، وفريق في ظلمة الشِّرْكِ وعقوبة الجحد.. فكذلك غداً؛ فريقٌ هم أهل اللقاء، وفريقٌ هم أهل الشقاء والبلاء.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8